الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة انحطاط أخلاقي، تلوّث بيئي، وفساد رياضي!

نشر في  20 مارس 2014  (15:49)

تابعت عشية الأحد الفارط الشوط الثاني من مباراة «دربي» العاصمة بين الترجي الرياضي والنادي الإفريقي، وكنت أمنّي النفس كغيري من أحباء الكرة التونسية بمشاهدة مباراة تليق بسمعة وحجم وشعبية الفريقين، وبالخصوص بمشاهدة سلوك قويم وسليم من المسيرين واللاعبين والجماهير يُنسينا مشاهد العنف والفوضى والإنحطاط الأخلاقي التي شهدتها العديد من الملاعب والقاعات الرياضية في الأسابيع الأخيرة، ويقطع مع الصورة السيّئة التي «ميّزت» الرياضة التونسية في كرة القدم وفي رياضات جماعية أخرى. ولكن إنتظاراتي سقطت في الماء، لتُذبح الرّوح الرياضية وتخرّ صريعة بالضربة القاضية نتيجة تصرّفات غير مسؤولة وسلوك أرعن من بعض اللاعبين وشغب غير مفهوم من بعض الجماهير زاد في تشويه الصورة وأعادنا إلى الدرك الأسفل، وهو ما يدعونا إلى التّساؤل عن سرّ هذا العنف ودوافع هذا الشغب، من أجل إيجاد تفسير لهذه الخروقات والتجاوزات وفهم مبرراتها النفسية والإجتماعية. وفي انتظار أن يتولّى المختصّون وأطباء النفس والإجتماع البحث في ما أدى إلى تفاقم العنف وأعمال الشغب، لابد من الإعتراف بأن الإنفلات الأمني الذي شهدته البلاد منذ ثورة 14 جانفي غيّب كل القوانين عند عدد هام من المواطنين كما أزاح حاجز «الخوف» من الأمن والسلطة والقانون، وبالتالي أصبح البعض لا يشعر بوجوده سوى بالإعتداء على هذا القانون وخرقه أو بالخروج عن النص سواء كان ذلك بعدم الإمتثال لإشارات المرور عندما يقود سيارته، أو بمحاولة الحصول على حقوقه بالقوّة أو الإستيلاء على أراضي الدولة وأملاك المجموعة الوطنية، أو استعراض عضلاته في الملعب باعتباره المكان الأمثل بالنسبة إليه لارتكاب شتّى أنواع التجاوزات والإنحرافات. وهنا ومن أجل محاصرة الظاهرة وتطويقها أقترح أن تطرح عملية ترويج التذاكر للمباريات عن طريق الأنترنات، حيث يصبح كلّ شخص يرغب في اقتناء تذكرة مطالبا بالإدلاء بهويته كاملة للحصول على تذكرته مثلما هو الحال في مختلف البطولات الأوروبية وفي مسابقتي كأس رابطة الأبطال وكأس الاتحاد الأوروبي. هذا الحلّ يُمْكِنُ الإلتجاء إليه مادام عدد الجماهير التي تحضر المباريات محدودا وهو ما يساعد على معرفة هويات الحاضرين وحتّى أماكن جلوسهم حتّى إذا ما وقعت أحداث عنف في منطقة معيّنة من المدرّجات أمكن التعرّف بسرعة عن الأحباء الجالسين في ذلك المكان.
ومن كرة القدم ننتقل للحديث عن كرة اليد، هذه اللعبة التي أحببناها ودخلت قلوبنا بفضل ما حققته من إنجازات وانتصارات باتت مهدّدة هي أيضا بسبب بعض الممارسات الخطيرة والمشبوهة التي شوٌهت الصورة التي كنا نحملها عن هذه اللعبة.. وقد استغرب المهتمون بهذه الرياضة ما حدث مؤخراً على غرار تأجيل العديد من المقابلات في بطولة السيدات لأسباب مختلفة من بينها تأجيل مباراة بسبب انتظار فريقين لقرار هيئة التحكيم الرياضي في إثارة بينهما وقع تقديمها منذ المرحلة الأولى من البطولة ولم يقع الحسم فيها إلى الآن، كما أُجّلت مقابلة نتيجة عدم صلوحية القاعة، فيما تعذّر إجراء مباراة أخرى لعدم حضور الحكمين احتجاجا على عدم تعيينهما في مقابلات البطولة العربية... ولم يقف الأمر عند هذا الحد في كرة اليد، ففي الجولة الأخيرة ورغم قيمة الرّهان المتمثل في ضمان البقاء بالنسبة للعديد من النوادي لم يفهم الملاحظون ولا عشاق هذه اللعبة عدم انطلاق المباريات في نفس التوقيت مثلما تفرضه القوانين واللوائح، ومن غرائب هذه الجولة خوض الترجي لمباراته ضد فريق المكنين المعني بتفادي النزول بتشكيلة تتركّب من لاعبي الأواسط وانهزامه أمام السبورتينغ، وفوز جمعية اريانة على الإفريقي علاوة على ما حدث في الجولات الأخيرة من تجاوزات خطيرة تدخل في خانة التهاون أو التلاعب بميثاق الرياضي... إلى جانب ذلك أطل علينا أحد المسؤولين الجامعيين وهو علي العيّادي ليهدّد رئيس الجامعة بكشف المستور وتعرية الحقائق بعد نزول فريقين من جهة صفاقس، إلى غير ذلك من المهازل التي فُوجئنا بها. لذلك أصبح لزاما على جامعة اليد فتح تحقيق فوري بخصوص تهم التخاذل والبيع والشراء التي ترددت في السر والعلانية في الآونة الأخيرة واتخاذ إجراءات ردعية وحازمة إذا ما ثبت التلاعب ولو أدى الأمر إلى حرمان الترجي أو الإفريقي أو الإثنين معا من لعب «البلاي أوف». لابد لكرة اليد أن تعود إلى وضعها الطبيعي كرياضة محترمة تحظى بالتقدير من كل الجماهير, وعلى الجميع أن يسعى كل من موقعه إلى حماية هذه اللعبة من قذارة كرة القدم وعنف كرة القدم وممارسات بعض أندية كرة القدم، فهي الوجه الجميل الذي بقي لنا في الرياضة التونسية إلى جانب الألعاب الفردية، والمحافظة عليها وحمايتها يبقى مطلبا جماهيريا وواجبا على كل المسيّرين والساهرين على تسيير كرة اليد التونسية.
بقلم: عادل بوهلال